فتة هوا .. وكماج

إذا كان أجدادنا يؤرخون بالأحداث, كأن يقولوا إن فلانا من الناس ولد في أيام (سيل أبو جيدة) فإن أحفادهم اليوم قد يقولون (إن فلانا ولد في أيام أزمة الخبز...) وهم يعنون من ولد في شهر صفر المنصرم والذي كانت فيه أزمة اختفاء الخبز في المدينة، وحينها وقف الكثير منا ضمن الطوابير لشراء الغائب الحاضر ألا وهو الخبز الأسمراني. وإن كان ما هو مفجع هو اختفاء الخبز فإن ما كان مؤلما أن يقولوا لنا "ابحثوا عن السلع الأرخص"، ماذا هو أرخص من الأرز والفول والماء وهو الثلاثي الرهيب الذي تقوم عليه حياة البسطاء قبل الأثرياء هذا إن كان الأثرياء يتناولونه أصلا كوجبة رئيسية فالأرز يتناولونه مشبعاً بالسكر إن لم يكن بالعسل والشهد.. أما الفول فربما إذا حضر إلى موائدهم فيكون في الأصل معلبا فيتناولونه (بالشوكة)... أقول وبدون اعتذار إنني لم أجد مغفلاً صدق أو يصدق أن ما حدث كان أزمة (قمح) اختفى.. فالحقيقة أنه وجد طريقا أخر غير طريق (المخابز).. كيف يختفي فقط ذلك (الحليوه الأسمر) ويبقى فقط (الأبيض الناصع)..؟ ففي أيام الأزمة – وللعجب - في المدارس كانوا يبيعون في المقاصف "الكروسون" وفي السوبر ماركت يبيعون "البيتي فورم والتوست.." إذا كان القمح الأسمر) هو المستهدف لأنه الأكثر "شعبية"؟ إذاً رحم الله أيام (العم بادي كعكي والكميش الأحمدي والدمياطي ودرويش وأخيه حمزة حبحب والفرغلي وإبراهيم نافع) وغيرهم من الرجال رحم الله الميت منهم وأطال بعمر من بقي على قيد الحياة منهم وبارك الله في ابنائهم ممن حافظ على مهنة والديهم.. واذا - لا قدر الله - عادت الأزمة ثانية فإنني أنصح الجميع أن يبحثوا عن "الكماج" في مخبز (العم محمد صلاح) فهو اول من عرفنا في مجتمع المدينة على "البيتي فورم والتورتة" وأمثالها وكذلك العيش (الفرنجيلة) أي الصامولي, واذا لم يجدوا الأرز (الكابلي والسليق وغيرهما) ليبحثوا عمن ورث مهنة طيبي الذكر "السيسي وموسى كببجي" لعلهم يصنعون لنا "فتة هوا" هوا" نظرا لأن اللحم والشحم والعظم ايضًا معرضون لأن تكون الأزمة القادمة حول (بهيمة الأنعام) التي هي قوام مهنتهم في ذلك الزمان الطيب... فبعد الاحتساب على الله على الفقراء أن يأكلوا ويتعودوا من الآن على أكل "فتة الهوا" لأن الدنيا كما يقول حبيبنا الجاد المجتهد والنظيف الأمين شفى الله قرة عينيه الأستاذ أحمد رشوان الذي يقول لنا "هيه فتة" وذلك كلما اثقلنا عليه بطلباتنا أو استفساراتنا عن "الفلوس" والبدلات والزيادات... ويا أمان الخائفين،،،